إيمان سلامة، مدير إدارة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي بالمكتب الخاص

سلسلة رياديات سودانيات

في أحد الأيام، وفي ختام يوم عمل مزدحم ومليء بالطاقة، جلست الأستاذة إيمان سلامة على رأس الطاولة، تتأمل بهدوء ويدر تفكيرها حول استراتيجيات جديدة وتحديات حالية. وبينما كانت تجلس في مكتبها المطل على صخب وزحام مدينة الرياض، جلست تتأمل إيمان في رحلتها المهنية عبر السنوات الأخيرة. إتجه نظراتها للمدينة الصاخبة من النافذة، حيث كانت الأضواء تتلألأ والسيارات تسير في الشوارع المزدحمة، مشهد بانورامي يجسد وتيرة السرعة وطبيعة الحياة المعاصرة بمشاغلها.

بملامح هادئة وثقة تامة، نظرت إلى الأوراق المنتشرة حولها وإلى الوجوه الشابة في فريقها. بدأت تستذكر الأيام الأولى في برنامج تنمية القيادات الشابة، تلك الأيام التي كانت فيها شابة طموحة تسعى لإيجاد مكانها في هذا العالم. تذكرت كيف كانت تقضي ساعات طويلة في الاجتماعات والمناقشات، تتعلم وتستمع وتطور من نفسها.

شعرت للحظة بالفخر والرضا عن ما حققته، لكنها لم ولن تتوقف عند هذا الحد. كانت دائمًا تفكر في المستقبل وكيف يمكنها تقديم المزيد. تساءلت إيمان عن الخطوات التالية في مسيرتها، وعن كيفية الاستمرار في تقديم الإسهامات لمجتمعها ووطنها. كانت تؤمن بأن النجاح ليس مجرد تحقيق الأهداف الشخصية، بل هو أيضًا القدرة على إحداث تغيير إيجابي في حياة الآخرين.

في قلب السودان، تزخر القصص التي تلهم وتفتح آفاقًا جديدة للشباب. اليوم نروي قصة الأستاذة إيمان سلامة، الرائدة السودانية التي شكلت بإنجازاتها ونشاطها نموذجًا يحتذى به في القيادة المؤسسية والإبداع. لقد كانت إيمان – ولا تزال - رمزًا للتفاني والإصرار، حيث ساهمت في عدم وتطوير برامج ومشاريع تنموية هامة وأثبتت نفسها كقائدة متميزة في مجالات متعددة.

كانت البداية في أحد أيام الصيف الحارقة، عندما تقدمت إيمان بطلب الإلتحاق بالمنحة الدوليّة للقيادة، في نسخته الخامسة في ذاك الوقت. وبالفعل، تم إختيارها ضمن المشاركين في منحة ذلك العام، من بين آلاف المتقدمين كل عام. كان هذا البرنامج يمثل فرصة ذهبية للشباب الطموح لاكتساب مهارات القيادة وتنمية قدراتهم. لم تكن إيمان مجرد مشاركة في البرنامج؛ بل كانت محط أنظار الجميع بفضل حماسها وطاقتها اللا متناهية. لقد أظهرت منذ البداية شغفًا ورغبة في التعلم والتطوير.

في هذه الفترة، بدأت إيمان تتعلم كيف تكون قائدًا فعالًا وكيف تساهم في بناء مجتمع أقوى وأكثر تماسكًا. شاركت في ورش العمل والنقاشات المثمرة، حيث كانت دائمًا مستعدة لطرح الأفكار الجديدة وتقديم الحلول الإبداعية. بفضل جهودها وتفانيها، لم تلبث أن حصلت على تقدير القادة والمسؤولين في البرنامج، والذي تمثل في مجموعة من الجوائز والإشادات رفيعة المستوى.


التحول من التلقي للعطاء

إيمان سلامة، مدير إدارة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي بالمكتب الخاصبعد تخرجها من البرنامج، تلقت عرضاً من الإدارة للإنضمام للمجلس التنفيذي للبرنامج كأصغر التنفيذيين سناً ضمن فريق الإدارة.

لعبت إيمان دورًا بارزًا في برنامج "المنح الدراسية المتطورة". كمدربة ومستشارة، ساهمت في توجيه الشباب وتعزيز قدراتهم، مما ساعدهم على تحقيق أحلامهم.

كانت إيمان تتميز بقدرتها على التواصل الفعال مع الشباب، حيث كانت تستمع لمشاكلهم وتوجههم نحو الحلول المثلى.

كانت قادرة على تحويل الأفكار إلى خطط عمل ملموسة، وساهمت في تطوير مناهج تدريبية شاملة ومبتكرة. خلال هذه الفترة، أظهرت إيمان مهارات تنظيمية فائقة، حيث كانت تدير فرق العمل وتنسق مع الجهات المختلفة لضمان تنفيذ المشروعات والبرامج بشكل سلس وفعال.

هذه الخبرات والمهارات جعلتها تتولى مسؤولية إدارة وحدة الترويج المؤسسي، حيث أظهرت إبداعًا وتفانيًا لافتين.


المسؤوليات الكبرى: رحلة نحو التفوق والتميز

بفضل نجاحها وإبداعها، تم ترقيتها لتصبح مديراً لإدارة للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي. وفي هذا الدور، لعبت إيمان دورًا محوريًا في تعزيز علاقات البرنامج مع المنظمات الدولية والمحلية. كانت تتواصل مع العالم، تلتقي بشخصيات بارزة وقادة من مختلف المجالات، بهدف بناء شراكات استراتيجية تدعم أهداف البرنامج وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

خلال هذه الفترة، دعمت إيمان النسخ السادسة والسابعة بشكل كبير. كانت تعمل ليلًا ونهارًا لضمان نجاح أنشطة هذه الدفعات، حيث كانت تقدم لهم المشورة والتوجيه وتساعدهم على تخطي التحديات التي تواجههم. وكان من أبرز إسهاماتها عملها ضمن برنامج زمالة الإعلاميين الشباب، اول برنامج من نوعه يسعى لتشكيل مستقبل الواقع الإعلامي المحلي. لقد كانت مثالًا يحتذى به في التفاني والالتزام، مما جعلها تحظى بتقدير واحترام جميع من حولها.

 وبالتزامن مع إسهاماتها اللامعة في  المكتب الخاص، كانت إيمان في هذه الأثناء تنقل خبراتها المتميزة إلى القطاع الخاص. انطلقت إلى عالم الاحتراف في مجال الهوية المؤسسية والعلاقات العامة، حيث بدأت مسيرتها في كبرى القطاعات في السودان. هناك، اكتسبت خبرات واسعة وعمقت فهمها لهذا المجال المتطور.

إيمان سلامة، مدير إدارة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي بالمكتب الخاصلم يكن الوقت طويلاً حتى انضمت إلى فريق "زين السودان"، إحدى أكبر شركات الاتصالات في البلاد. في "زين"، تولت إيمان مسؤوليات كبيرة، حيث كانت تشرف على تطوير وتنفيذ استراتيجيات الهوية المؤسسية والتسويق.  لقد أثبتت إيمان أنها قادرة على التكيف مع التحديات الجديدة وتقديم حلول مبتكرة تساهم في تعزيز مكانة الشركة في السوق. بعد فترة من النجاح في "زين"، انتقلت إيمان إلى العملاقة "سوداني"، حيث تولت منصبًا قياديًا في فريق العلاقات العامة. في هذا الدور، كانت مسؤولة عن إدارة مشاريع العلاقات العامة المحلية والإقليمية. كانت تسعى دائمًا إلى بناء صورة إيجابية للشركة وتعزيز علاقاتها مع مختلف الجهات. تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة، حيث كانت تقود فرق العمل وتنظم حملات تسويقية مبتكرة.


إن قصة إيمان سلامة هي قصة مثابرة وإبداع. إنها قصة رائدة سودانية جعلت من الإصرار والعزيمة دربًا لتحقيق النجاح. ساهمت إيمان في رسم مستقبل مشرق للشباب السوداني، وتعد قدوة يحتذى بها لكل من يسعى لتحقيق أحلامه في عالم مليء بالتحديات. من خلال مسيرتها المهنية المبهرة وإسهاماتها الفعالة، أثبتت إيمان سلامة أن النجاح لا يعرف حدودًا، وأن الأحلام يمكن أن تتحقق بالإصرار والعمل الجاد. إنها ليست فقط رمزًا للريادة النسائية في السودان، بل هي أيضًا مثال يحتذى به في التفاني والإبداع.

لقد كانت رحلة إيمان مليئة بالتحديات والنجاحات. ولكن ما يميزها حقًا هو إيمانها الراسخ بأهمية العطاء والعمل الجماعي. لقد أثبتت أن الريادة ليست مجرد منصب أو لقب، بل هي رسالة ومسؤولية نحو الآخرين. إيمان سلامة، الرائدة السودانية، قصة نجاح وإلهام لكل من يسعى لتحقيق أحلامه ويؤمن بأن النجاح يبدأ بخطوة. إنها مثال حي على أن الإصرار والعمل الجاد يمكن أن يفتح الأبواب نحو مستقبل مشرق ومليء بالفرص.