جلست سماح على مكتبها وهي تشعر بالفخر والإرهاق. كانت قد أنهت لتوها يوم طويل من العمل كممتهنة للعمل القانوني في إدارة مشروعات الحوكمة وسيادة حكم القانون، وكان عبء مسؤولياتها ثقيلًا على كتفيها. لكن عندما نظرت من النافذة، لم تستطع إلا أن تشعر بالامتنان والتقدير للنساء اللائي سبقنها في هذا المجال.

 إنه اليوم الثامن من مارس والذي يوافق اليوم العالمي للمرأة، يوم للاحتفال بإنجازات وتقدم المرأة في جميع أنحاء العالم. عرفت سماح أنها كانت محظوظة لكونها تعيش في وقت تستطيع فيه المساهمة في صنع واقع أفضل. لكنها كانت تعلم أيضًا أن هذا لم يكن الحال بالنسبة لجميع النساء.

 خلال تأملها في هذا اليوم، فكرت في النساء اللواتي ألهمنها في مسيرتها، واللاتي كان من أبرزهن والدتها الدكتورة منى القانونية أيضاً والتي عملت على إرساء مبادئ ومنهجيات حقوق الإنسان في السودان في مطلع الألفية الثانية، وعدد لا يحصى من النساء الأخريات اللاتي ناضلن من أجل المساواة والعدالة.

 لطالما انجذبت سماح إلى القانون، وعرفت أنها تريد استخدام مهاراتها لإحداث فرق في العالم. كانت شغوفة بالنضال من أجل القانون وحقوق المرأة والفئات المهمشة الأخرى، وكانت مصممة على إحداث فرق في مجتمعها.

ضمن سلسلتنا #رياديّات_سودانيات وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة نتناول اليوم مقتطفات من حياة أحد الشخصيات الشابة المتميزة والمتخصصة في القانون وسيادة حكم القانون، الأستاذة سماح أنور عباس.

ولدت الأستاذة سماح في التسعينات من القرن الماضي وتدرجت في المراحل التعليمية حتى تخرجت من كلية القانون، بجامعة الخرطوم، وهي أحد النماذج المتفردة للقادة الشباب السودانيين المُلهمين، حيث كانت بداياتها وشغفها بالعمل التطوعي من خلال عملها مع عدد من المبادرات الطوعية في المجالات القانونية والإنسانية.

واصلت بعد ذلك إسهاماتها المجتمعية كناشطة مهتمة بالتنمية وخدمة المجتمع حيث اختيرت لتشغل منصب المدير التنفيذي الرابع للمكتب الخاص، ومن ثم التحقت ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كمنسق لفريق مناصري أجندة التنمية المستدامة للعام 2030، وهي إحدى المبادرات الأممية الرائدة على مستوى العالم التي سعت لترويج أهداف التنمية المستدامة من خلال الشباب.

تم اختيارها في العام 2017 ضمن منحة برنامج تنمية القادة الشباب الذي ينظمه الإتحاد الدولي للشباب، والذي حصلت بعد إكمالها للبرنامج على درجة الدبلوم في القيادة مع الامتياز في العام 2018.

من خلال مبادرتها المجتمعية المبتكرة "وصول" تسعى أ. سماح لبناء منصة رقمية للدعم القانوني توفر عدداً من خدمات الدعم والمساندة القانونية للفئات الضعيفة التي تواجه تحديات قانونية في السودان.

تواصل أ. سماح عطاءها من خلال عملها مع الأمم المتحدة على شؤون الدعم القانوني والإداري لقضايا تعزيز سيادة حكم القانون في السودان، نحو واقع يكفل الحقوق ويساهم في صنع مستقبل أفضل للجميع. 

*           *            * 

سلسلة #رياديّات_سودانيات هي عبارة عن مجموعة مقالات متصلة تصدر عن المكتب الخاص وتحكي عن النماذج الملهمة لسودانيات حققن إنجازات مهنية أو شخصية متميزة وكانوا نبراساً تستضئ بهم الأمم.